للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكمُ بالحِلِّ والحرمة في شيء واحد، وهو محال.

قالوا: وأيضًا فليس قياس الفرع على الأصل في تعدية حكمه إليه أولى من قياسه عليه في عدم ثبوته بغير النص. وحينئذ (١) فنقول (٢): حكمُ الفرع حكمٌ من أحكام الشرع، فلا يجوز ثبوته بغير النص كحكم الأصل، فما الذي جعل قياسكم أولى من هذا؟ ومعلوم أنَّ هذا أقرب إلى [١٥٧/أ] النصوص وأشدُّ موافقةً لها من قياسكم، وهذا ظاهر.

قالوا: وأيضًا فحكمُ الله بإيجاب الشيء يتضمَّن محبته له، وإرادته لوجوده، وعِلمَه بأنه أوجبه، وكلامَه الطلبيَّ والخبريَّ، وجعلَ فعلِه سببًا لمحبته لعبده ورضاه عنه وإثابته عليه، وتركِه سببًا لضد ذلك. ولا سبيل لنا إلى العلم بهذا إلا من خبر الله عن نفسه أو خبر رسوله عنه، فكيف يُعلَم ذلك بقياس أو رأي؟ هذا ظاهر الامتناع.

قالوا: ولو كان القياس من حجج الله وأدلة أحكامه لكان حجةً في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كسائر الحجج، فلما لم يكن حجةً في زمنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حجة بعده.

وتقرير هذه الحجة بوجهين: أحدهما أن الصحابة لم يكن أحد منهم يقيس على ما سمع منه - صلى الله عليه وسلم - ما لم يسمع، ولو كان هو معقول النصوص لكان تعديةُ الحكم به وشمول المعنى كتعدية الحكم باللفظ وشموله لجميع أفراده. وذلك لا يختص بزمان دون زمان، فلما قلتم: لا يكون القياس في زمن النص، عُلِمَ أنه ليس بحجة.


(١) ع: «فحينئذ»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في المطبوع: «نقول».