للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثاني: أن تعلُّقَ النصوص بالصحابة كتعلُّقها بمن بعدهم، ووجوب اتباعها على الجميع واحد.

قالوا: ولأنَّا لسنا على ثقةٍ من عدم (١) تعليق الشارع الحكمَ بالوصف الذي يبديه القيَّاسون (٢) وأنه إنما علَّق الحكمَ بالاسم بحيث يوجد بوجوده وينتفي بانتفائه؛ بل تعليقُ الحكم بالاسم تعليقٌ بما لنا طريقٌ إلى العلم به طردًا وعكسًا، بخلاف تعليقه بالوصف الشَّبَهي فإنه خَرْص وحَزْر، وما كان هكذا لم ترد به الشريعة.

قالوا: ولأن الأصل عدمُ العمل بالظنون إلا فيما تيقَّنَّا أن الشرع أوجبَ علينا العملَ به [١٥٧/ب] للأدلة الدالة على تحريم اتباع الظن. فمعنا منعٌ يقينيٌّ من اتباع الظن، فلا نتركه إلا بيقين يوجب اتباعه.

قالوا: ولأن تشابه الفرع والأصل يقتضي ألا يثبت الفرع إلا بما يثبت به الأصل، فإن كان القياس حقًّا لزم توقّفُ الفرع في ثبوته على النص كالأصل. فالقول بالقياس من أبين الأدلة على بطلان القياس.

قالوا: ولأن الحكم لا يخلو إمَّا أن يتعلَّق بالاسم وحده، أو بالوصف المشترك وحده، أو بهما. فإن تعلَّق بالاسم وحده أو بهما بطل القياس. وإن تعلَّق بالوصف المشترك بينهما لزم أمران محذوران:

أحدهما: إلغاء الاسم الذي اعتبره الشارع، فإن الوصف إذا كان أعمَّ منه وكان هو المستقِلَّ بالحكم كان الأخصُّ ــ وهو الاسم ــ عديمَ التأثير.


(١) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة. ولعل كلمة «عدم» مقحمة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «القياسيون»، كما سبق.