للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أنه إذا كان الاسم عديم التأثير لم يكن جعلُ ما دلَّ عليه أصلًا لما سكت عنه أولى من العكس، إذ التأثير للوصف وحده. بل يلزم أن لا يكون هناك فرع وأصل، بل تكون الصورتان فردين من أفراد العموم المعنوي، كما يكون أفراد العام لفظًا كذلك، ليس بعضُها أصلًا لبعض.

قالوا: ولا ريب أن البيان بالألفاظ العامة أعلى من البيان بالقياس، فكيف يعدل الشارع ــ مع كمال حكمته ــ عن البيان الجَليِّ إلى البيان الأخفى (١)؟ قالوا: ونسأل القيّاسين (٢) عن محلِّ القياس: أيجب في الشيئين إذا تشابها من كلِّ وجه، أم إذا اشتبها من بعض الوجوه وإن اختلفا في بعضها؟ فإن قال بالأول ترك قوله وادعى مُحالًا، إذ ما من شيئين إلا بينهما (٣) جامع وفارق، وإن قال بالثاني قيل له: فهلَّا حكمتَ [١٥٨/أ] للفرع بضدِّ حُكمِ الأصل من أجل الوجه الذي خالفه فيه؟ فإن كانت تلك جهةَ وفاق تدل على الائتلاف، فهذه جهة افتراق تدل على الاختلاف؛ فليس إلحاقُ صور النزاع بموجَب الوفاق أولى من إلحاقه بموجَب الافتراق.

قالوا: ولا ينفعه الاعتذار بأنه متى وقع الاتفاق في المعنى الذي ثبت الحكمُ من أجله عديتُ الحكمَ، وإلا فلا.

قيل له: إذا كان في الأصل عدة أوصاف، فتعيينُك أن هذا الوصف الذي من أجله شُرع الحكم قولٌ بلا علم. وقد عارضك فيه منازعوك، فادَّعوا أن الحكم شُرِع لغير ما ذكرتَ.


(١) ت: «الخفي».
(٢) في النسخ المطبوعة: «القياسي».
(٣) في النسخ المطبوعة: «وبينهما».