للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلُّ بدعة ومقالة فاسدة في أديان الرسل، فأصلها من القياس الفاسد. فما أنكرت الجهمية صفات الربِّ وأفعاله وعلوَّه على خلقه واستواءه على عرشه وكلامه وتكليمه لعباده ورؤيته في الدار الآخرة إلا من القياس الفاسد. وما أنكرت القدرية عموم قدرته ومشيئته، وجعلت في ملكه ما لا يشاء وأنه يشاء ما لا يكون، إلا بالقياس الفاسد. وما ضلَّت الرافضة وعادوا خيارَ الخلق وكفَّروا أصحابَ محمد - صلى الله عليه وسلم - وسبُّوهم إلا بالقياس الفاسد. وما أنكرت الزنادقة والدهرية معاد الأجسام وانشقاق السماوات وطيَّ الدنيا، وقالت بقدم العالم، إلا بالقياس الفاسد. وما فسد ما فسد من أمر العالم وخرب (١) منه إلا بالقياس الفاسد. وأولُ ذنبٍ عصي الله به: القياس الفاسد. وهو الذي جرَّ على آدم وذريته من صاحب هذا القياس ما جرَّ. فأصلُ شرِّ الدنيا والآخرة جميعه من هذا القياس الفاسد. وهذه جملة (٢) لا يدريها إلا من له اطلاع على الواجب والواقع، وله فقه في الشرع والقدر.

فصل

وأما المقدمة الثانية ــ وهي أن بيع المعدوم لا يجوز ــ فالكلام عليها من وجهين:

أحدهما: منع صحة [٢٥٠/أ] هذه المقدمة، إذ ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في كلام أحد من أصحابه (٣) أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عامّ ولا بمعنى عامّ. وإنما في السنة النهي عن بيع بعض الأشياء التي


(١) ع: «وخرب ما خرب». وكذا في النسخ المطبوعة إلا طبعة الشيخ الوكيل.
(٢) ت: «حكمة». وكذا في النسخ المطبوعة إلا طبعة الشيخ الوكيل.
(٣) في النسخ المطبوعة: «ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في ... الصحابة».