للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«اذهَبْ فإن الله قد غفر لك حدَّك» (١). وظهرَ بركةُ هذا العفو والإسقاط في صدق توبته، فقال: «والله لا [٣/أ] أشربها أبدًا ــ وفي رواية: أبدَ الأبدِ (٢) ــ قد كنت آنَفُ أن أتركَها من أجلِ جَلداتِكم، فأما إذ تركتموني فوالله لا أشربها أبدًا» (٣). وقد برئ النبي - صلى الله عليه وسلم - مما صنع خالد ببني جَذِيمة، وقال: «اللهم إني أبرأُ إليك مما صنعَ خالد» (٤)، ولم يؤاخذه به لحسن بلائه ونصره للإسلام.

ومن تأمّل المطابقة بين الأمر والنهي والثواب والعقاب وارتباط أحدهما بالآخر علم فقهَ هذا الباب.

وإذا كان الله لا يعذِّب تائبًا فهكذا الحدود لا تُقام على تائب، وقد نصّ الله على سقوط الحد عن المحاربين بالتوبة التي وقعت قبل القدرة عليهم مع عظيم جرمهم، وذلك تنبيه على سقوط ما دون الحراب بالتوبة الصحيحة بطريق الأولى.

وقد روينا في «سنن النسائي» (٥) من حديث سِماك عن علقمة بن وائل عن أبيه: أن امرأة وقع عليها [رجلٌ] (٦) في سواد الصبح ــ وهي تَعمِد إلى


(١) رواه البخاري (٦٨٢٣) ومسلم (٢٧٦٤) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٢) لم أقف على هذه الرواية.
(٣) رواه عبد الرزاق (١٧٠٧٧). وانظر: «الاستيعاب» (٤/ ١٧٤٨) و «تاريخ الإسلام» للذهبي (٢/ ١٦٧) و «الإصابة» (١٢/ ٥٩٠).
(٤) رواه البخاري (٤٣٣٩) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٥) الكبرى (٧٢٧٠)، ورواه أيضًا ابن الجارود (٨٢٣) والطبراني (١٨) والبيهقي (٨/ ٢٨٤)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٩٠٠).
(٦) زيادة من النسائي.