للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال التاسع والستون: إذا كان له عليه دَين فقال: «إن متَّ قبلي فأنت في حلٍّ، وإن متُّ قبلك [١٣٥/ب] فأنت في حلٍّ» صح وبرئ في الصورتين؛ فإن إحداهما وصية، والأخرى إبراء معلَّق بالشرط، ويصح تعليق الإبراء بالشرط لأنه إسقاط، كما يصح تعليق العتق والطلاق، وقد نصَّ (١) الإمام أحمد في الإحلال من العِرض والمال مثله.

وقال أصحابنا وأصحاب الشافعي: إذا قال: «إن متُّ قبلك فأنت في حلٍّ» هو إبراء صحيح؛ لأنه وصية، وإن قال: «إن متَّ قبلي فأنت في حلٍّ» لم يصح؛ لأنه تعليقٌ للإبراء بالشرط. ولم يُقيموا شبهةً فضلًا عن دليل صحيح على امتناع تعليق الإبراء بالشرط، ولا يدفعه نصٌّ ولا قياس ولا قول صاحب؛ فالصواب صحة الإبراء في الموضعين؛ وعلى هذا فلا يحتاج إلى حيلة.

فإن بُلِي بمن يقول: «هكذا في الكتاب، وهكذا قالوا»، فالحيلة أن يُشهِد عليه أنه لا يستحقُّ عليه شيئًا (٢) بعد موته من هذا الدين، ولا في تركته، وإن شاء كتب الفصلين في سجلٍّ واحد، وضمنه الوصية له به إن مات ربُّ الدين، وإن مات المدين فلا حقَّ له به قبله، فيصح حينئذٍ مستندًا إلى ظاهر الإقرار، وهو إبراء في المعنى.

المثال السبعون: لو غلِطَ المضارب أو الشريك وقال: «ربحتُ ألفًا» ثم أراد الرجوع لم يُقبل منه؛ لأنه إنكار بعد إقرار. ولو أقام بينةً على الغلط


(١) ز: «نص عليه».
(٢) ز: «شيء».