للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمضت الرسل وأتباعهم على ذلك، ممتثلين (١) لأمر الله، قابلين لرحمته، حتى نشأت خلوفٌ قطعَّوا أمرهم بينهم زُبُرًا كلُّ حزب بما لديهم فرحون. فمن تدبَّر هذه الآيات ونزَّلها على الواقع تبيَّن له حقيقة الحال، وعَلِم من أيّ الحزبين هو، والله المستعان.

الوجه الثاني والعشرون (٢): أن الله سبحانه قال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤]، فخصّ هؤلاء بالفلاح دون من عداهم، والداعون إلى الخير هم الداعون إلى كتاب الله وسنة رسوله، لا الداعون إلى رأي فلان وفلان.

الوجه الثالث والعشرون: أن الله سبحانه ذمّ من إذا دُعِي إلى الله وإلى رسوله أعرض ورضي بالتحاكم إلى غيره، وهذا شأن أهل التقليد، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: ٦١]، فكل من أعرض عن الداعي له إلى ما أنزل الله ورسولِه إلى غيره فله نصيبٌ من هذا الذمّ؛ فمستكثِرٌ ومستقِلٌ.

الوجه الرابع والعشرون: أن يقال لفرقة التقليد: دين الله عندكم واحد أو هو في القول وضدِّه، فدينُه هو الأقوال المختلفة المتضادّة التي يُناقِض بعضُها بعضًا، ويُبطِل بعضها بعضًا، كلها دين الله؟ فإن قالوا: بلى، هذه الأقوال المتضادّة المتعارضة التي يناقض بعضها بعضا كلُّها دين الله خرجوا


(١) ع: «مسلّمين».
(٢) تكرر في النسخ: «الوجه الثاني والعشرون». فأبقيناه كما هو لئلا نغيّر ترقيم المؤلف، وفي المطبوعات: «الثالث والعشرون». واستمر الترقيم على هذا فيما بعد.