للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قامت البينة على قبضه ماله فيضمنه، ولا ينفعه تكذيب البينة. فالحيلة في سقوط الضمان أن يقول: ما لك عندي شيء، فإن حلَّفه حلف صادقًا، فإن أقام البينة بالوديعة فليصدِّق البينة، ويقول: صدقتْ فيما شهدتْ به، ويدَّعي التلف بغير تفريط؛ فإن كذَّب البينة لزمه الضمان، ولا ينفعه دعوى التلف.

المثال الثامن والعشرون: إذا رهن عنده رهنًا، ولم يثق بأمانته، وخاف أن يدّعي هلاكه ويذهب به، فالحيلة في أن يجعله مضمونًا عليه أن يُعِيره إياه أولًا، فإذا قبضه رهنَه منه بعد ذلك؛ فإن تلف كان من ضمانه؛ لأن طريانَ الرهن على العارية لا يُبطل حكمها؛ لأن المرتهن يجوز له الانتفاع بها بعد الرهن كما كان ينتفع بها قبله، ولو بطل لم يجز له الانتفاع.

المثال التاسع والعشرون: اختلف الناس في العارية: هل توجب الضمان إذا لم يفرِّط المستعير؟ على أربعة أقوال:

أحدها: توجب الضمان مطلقًا، وهو قول الشافعي وأحمد في المشهور عنه.

الثاني: لا توجب الضمان، ويد المستعير يد أمانة، وهو قول أبي حنيفة.

الثالث: أنه (١) إن كان التلف بأمر ظاهر كالحريق وأخذ السيل وموت الحيوان وخراب الدار لم يضمن، وإن كان بأمر لا يطلع عليه (٢) كدعوى سرقة الجوهرة والمنديل والسكّين ونحو ذلك ضمن، وهو قول مالك.

الرابع: أنه إن شرط نفي ضمانها لم يضمن، وإن أطلق ضمن. وهذا


(١) «أنه» ليست في ك.
(٢) «عليه» ليست في النسخ. وهي في المطبوع.