للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاحتجاج والعمل. وإذا رأوا حديثًا صحيحًا مخالفًا لقول من انتسبوا إليه أخذوا بقوله، وتركوا الحديث. وإذا رأوا أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - قد أفتوا بفتيا، [٢٠٥/أ] ووجدوا لإمامهم فتيا تخالفها أخذوا بفتيا إمامهم وتركوا فتاوى الصحابة قائلين: الإمام أعلم بذلك منَّا، ونحن قد قلَّدناه فلا نتعدَّاه ولا نتخطَّاه، بل هو أعلم بما ذهب إليه منَّا.

ومن عدا هؤلاء فمتكلِّف متخلِّف، قد ربأ (١) بنفسه عن رتبة المشتغلين، وقصَّر عن درجة المحصِّلين، فهو مُكَذْلِكٌ مع المكذلكين. وإن ساعد القدر، واستقلَّ بالجواب قال: يجوز بشرطه، ويصح بشرطه، ويجوز ما لم يمنع منه مانع شرعي، ويرجع في ذلك إلى رأي الحاكم؛ ونحو ذلك من الأجوبة التي يُحسنها كلُّ جاهل، ويستحيي منها كلُّ فاضل.

ففتاوى القسم الأول من جنس توقيعات الملوك وعلمائهم، وفتاوى النوع الثاني من جنس توقيعات نوَّابهم وخلفائهم، وفتاوى النوع الثالث والرابع من جنس توقيعات خلفاء نوابهم. ومن عداهم فمتشبِّع بما لم يُعْطَ، متشبِّه بالعلماء، محاكٍ للفضلاء. وفي كلِّ طائفة من الطوائف متحقِّق بفنِّه (٢)، ومحاكٍ له متشبِّه به، والله المستعان.

الفائدة الثلاثون: إذا كان الرجل مجتهدًا في مذهب إمام، ولم يكن


(١) في النسخ المطبوعة: «دنا»، تصحيف.
(٢) ك: «ففنه». وفي ب: «نفيه». وفي النسخ المطبوعة: «بغيه». ولعل الصواب ما أثبت من ز.