للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما علمِه، فكذا لا يسع الثاني أن يخبر عن إمامه الذي قلَّده دينَه إلا بما يعلمه. وبالله التوفيق.

الفائدة الحادية والعشرون: إذا تفقَّه الرجل، وقرأ كتابًا من كتب الفقه أو أكثر، وهو مع ذلك قاصر في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف، والاستنباط والترجيح؛ فهل يسوغ تقليده في الفتوى؟

فيه للناس أربعة أقوال: الجواز مطلقًا، والمنع مطلقًا، والجواز عند عدم المجتهد ولا يجوز مع وجوده، والجواز إن كان مُطَّلِعًا على مأخذِ من يفتي بقولهم، والمنع إن لم يكن مطَّلعًا.

والصواب فيه: التفصيل. وهو أنه إن كان السائل يمكنه التوصُّلُ إلى عالم يهديه السبيل لم يحِلَّ له استفتاءُ مثل هذا، ولا يحِلُّ لهذا أن ينصب نفسه للفتوى مع وجود هذا العالم. وإن لم يكن في بلده أو ناحيته غيرُه، بحيث لا يجد المستفتي من يسأله سواه، فلا ريب أن رجوعه إليه أولى من أن يُقدِم على العمل بلا علم، أو يبقى مرتبكًا في حيرته، مترددًا في عماه وجهالته؛ بل هذا هو المستطاع من تقواه المأمور بها.

ونظير هذه المسألة: إذا لم يجد السلطان من يولِّيه إلا قاضيًا عاريًا عن شروط القضاء لم يعطِّل البلد عن قاض، ووَلَّى الأمثل فالأمثل.

ونظير هذا: لو كان الفسق هو الغالب على أهل ذلك البلد (١)، وإن لم تُقبَل شهادةُ بعضهم على بعض [١٩٩/ب] وشهادتُه له تعطَّلت الحقوق وضاعت قُبِلَ شهادةُ الأمثل فالأمثل.


(١) في النسخ المطبوعة: «تلك البلد».