للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للفرض (١) من الليل، ونحو ذلك. فأما مجرَّدُ ما يجد في كتبِ مَن انتسب إلى مذهبه من الفروع، فلا يسعه أن يضيفها إلى نصِّه ومذهبه بمجرَّد وجودها في كتبهم. فكم فيها من مسألة لا نصَّ له فيها البتة ولا ما يدل عليه! وكم فيها من مسألة نصُّه على خلافها! وكم فيها من مسألة اختلف المنتسبون إليه في إضافتها إلى مقتضى نصِّه ومذهبه! فهذا يضيف إلى مذهبه إثباتها، وهذا يضيف إليه نفيها، فلا ندري كيف يسع المفتي عند الله أن يقول: هذا مذهب الشافعي، وهذا مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة؟

وأما قول الشيخ أبي عمرو: «إن هذا المفتي يقول (٢): هذا مقتضى مذهب الشافعي (٣)» فلعمرُ الله لا يُقبَل ذلك من كلِّ من نصَب نفسه للفتيا حتى يكون عالمًا بمآخذ صاحب المذهب ومداركه وقواعده جمعًا وفرقًا، ويعلم أن ذلك الحكم مطابق لأصوله وقواعده. بعد استفراغ وسعه في معرفة ذلك فيها إذا أخبر أن هذا مقتضى مذهبه كان له حكمُ أمثاله ممَّن قال بمبلغ علمه، ولا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعَها.

وبالجملة، فالمفتي مخبِرٌ عن الحكم الشرعي، وهو إما مخبِر عما فهمه عن الله ورسوله، وإما مخبِر (٤) عما فهمه من كتابه (٥) أو نصوص من قلَّده دينَه. وهذا لون، وهذا لون. فكما لا يسع الأولَ أن يخبر عن الله ورسوله إلا


(١) يعني: من الصوم. وفي النسخ المطبوعة: «للصوم في الفرض».
(٢) في النسخ المطبوعة: «لهذا المفتي أن يقول».
(٣) بعده في النسخ المطبوعة: «مثلًا».
(٤) العبارة «عن الحكم الشرعي ... مخبر» ساقطة من (ك، ب) لانتقال النظر.
(٥) ما عدا ز: «كتاب».