للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاكم إذا خالف حكمَ الله ورسوله، ومن ردِّ فتوى المفتي. وقد نصَّ الله سبحانه على ردِّ وصية الجانف في وصيته والآثم فيها، مع أن الوصية تصحُّ في غير قربة، وهي أوسع من الوقف. وقد صرَّح صاحبُ الشرع بردِّ كلِّ عمل ليس عليه أمره، فهذا الشرط مردود بنصِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يحِلُّ لأحد أن يقبله ويعتبره ويصحِّحه.

ثم كيف يوجبون الوفاء بالشروط التي إنما أخرج الواقفُ مالَه لمن قام بها وإن لم تكن قربةً، ولا للواقفين فيها غرض صحيح، وإنما غرضُهم ما يقرِّبهم إلى الله= ولا يوجبون الوفاء بالشروط التي إنما بذلت المرأة بُضْعَها للزوج بشرط وفائه لها بها، ولها فيها أصحُّ غرض ومقصود، وهي أحقُّ من كلِّ شرط يجب الوفاءُ به بنصِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل هذا إلا خروج عن محض القياس والسنة؟

ثم من العجب العجاب: قولُ من يقول: إن شروط الواقف كنصوص الشارع. ونحن نبرأ إلى الله من هذا القول، ونعتذر إليه سبحانه (١) مما [١٨٩/ب] جاء به قائله، ولا نعدل بنصوص الشارع غيرَها أبدًا. وإنَّ أحسنَ الظنِّ بقائل هذا القول حملُ كلامه على أنها كنصوص الشارع في الدلالة، وتخصيصِ عامِّها بخاصِّها، وحَمْلِ مطلقها على مقيدها، واعتبارِ مفهومها كما يُعتبر منطوقُها. وأمّا أن تكون كنصوصه في وجوب الاتباع وتأثيم مَن أخلَّ بشيء فيها (٢)، فلا يُظَنُّ ذلك بمن له نسبةٌ ما إلى العلم. فإذا كان حكمُ


(١) «إليه سبحانه» ساقط من النسخ المطبوعة.
(٢) ع: «منها»، وكذا في النسخ المطبوعة.