للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: أنه في حق الأمة صريح في التحريم الموجب للكفارة وفي حق الحرَّة كناية. قالوا: لأن أصل الآية إنما وردَ في الأمة. قالوا: فلو قال «أنتِ عليَّ حرام» وقال «أردتُ به الظهار والطلاق» فقال ابن الحدّاد: يقال له عيِّنْ أحد الأمرين؛ لأن اللفظة الواحدة لا تصلُح للظهار والطلاق معًا، وقيل: يلزمه ما بدأ به منهما. قالوا: ولو ادعى رجل على رجل حقًّا فأنكره فقال «الحِلُّ عليك حرام، والنية نيتي لا نيتك، ما لي عليك شيء»، فقال: «الحِلُّ عليَّ حرام والنية في ذلك نيتك، ما لَكَ عندي شيء» = كانت النية نية الحالف لا المحلّف؛ لأن النية إنما تكون ممن إليه الإيقاع.

فصل

وأما تحرير مذهب الإمام أحمد فهو أنه ظهار بمطلقه وإن لم ينوِه، إلا أن ينوي به الطلاق أو اليمين فيلزمه ما نواه، وعنه رواية ثانية أنه يمين بمطلقه إلا أن ينوي به الطلاق أو الظهار فيلزمه ما نواه، وعنه رواية ثالثة أنه ظهار بكل حال، ولو نوى به الطلاق أو اليمين لم يكن يمينًا ولا طلاقًا، كما لو نوى الطلاق واليمين بقوله «أنتِ عليَّ كظهر أمي» فإن اللفظين صريحان في الظهار، فعلى هذه الرواية لو وصلَه بقوله «أعني به الطلاق» فهل يكون طلاقًا أو ظهارًا؟ على روايتين: إحداهما: يكون ظهارًا كما لو قال «أنتِ عليّ كظهر أمي أعني به الطلاق أو التحريم»؛ إذ (١) التحريم صريح في الظهار. والثانية أنه طلاق لأنه قد صرَّح بإرادته بلفظ يحتمله، وغايته أنه كناية فيه. فعلى هذه الرواية إن قال «أعني به طلاقًا» طلقت واحدة، وإن قال «أعني به الطلاق» فهل تطلَّق ثلاثًا أو واحدة؟ على روايتين، مأخذُهما حمل اللام على الجنس


(١) «إذ» ليست في ز، وهي في هامش د.