للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما أصحاب الرأي والقياس، فإنهم لما (١) لم يعتنوا بالنصوص ولم يعتقدوها وافيةً بالأحكام ولا شاملةً لها، وغلاتُهم على أنها لم تَفِ بعُشْر معشارها= وسَّعوا (٢) طرق الرأي والقياس، وقالوا بقياس الشَّبَه، وعلَّقوا الأحكام بأوصاف لا يُعلم أن الشارع علَّقها بها، واستنبطوا عِللًا لا يُعلم أن الشارع شرع الأحكام لأجلها. ثم اضطرَّهم ذلك إلى أن عارضوا بين كثير من النصوص والقياس، ثم اضطربوا، فتارة يقدِّمون القياس، وتارةً يقدِّمون النص، وتارةً يفرِّقون بين النص المشهور وغير المشهور. واضطرَّهم ذلك أيضًا إلى أن اعتقدوا في كثير من الأحكام أنها شُرِعت على خلاف القياس، فكان خطؤهم من خمسة أوجه:

أحدها: ظنُّهم قصورَ النصوص عن بيان جميع الحوادث.

الثاني: معارضة كثير من [٢١٢/أ] النصوص بالرأي والقياس.

الثالث: اعتقادهم في كثير من أحكام الشريعة أنها على خلاف الميزان والقياس. والميزان هو العدل، فظنوا أن العدل خلاف ما جاءت به من هذه الأحكام.

الرابع: اعتبارهم عللًا وأوصافًا لم يُعلم اعتبار الشارع لها، وإلغاؤهم


(١) «لما» ساقطة من ع.
(٢) بإزائها في حاشية ع ثلاث نقاط علامة الإشكال، لأجل سقوط «لما» منها. وفي النسخ المطبوعة: «فوسعوا»، ولعل بعضهم زاد الفاء لإزالة الإشكال المذكور، لكن هذه الطبعات جمعت بين «لما» والفاء!