للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، ومحاسب (١) ولا بدَّ. والله المستعان.

الفائدة الخامسة عشرة: ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله سبحانه أن يفتي السائلَ بمذهبه الذي يقلِّده، وهو يعلم أن مذهبَ غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصحُّ دليلًا، فتحمله الرياسة على أن يتقحَّم (٢) الفتوى بما يغلب على ظنِّه أن الصواب في خلافه= فيكون خائنًا لله ورسوله وللسائل، وغاشًّا له. والله لا يهدي كيد الخائنين، وحرَّم الجنّةَ على من لقيه وهو غاشٌّ للإسلام وأهله. والدين النصيحة، والغِشُّ مضادٌّ للدين كمضادَّة الكذب للصدق، والباطل للحق.

وكثيرًا ما ترِد المسألة نعتقد فيها خلافَ المذهب، فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده. فنحكي المذهب، ثم نحكي المذهب الراجح ونرجِّحه، ونقول: هذا هو الصواب، وهو أولى أن يؤخذ به. وبالله التوفيق.

الفائدة السادسة عشرة: لا يجوز للمفتي الترويج (٣)، وتخيير السائل (٤)، وإلقاؤه في الإشكال والحيرة، بل عليه [١٩٣/أ] أن يبيِّن بيانًا مُزيلًا للإشكال، متضمِّنًا لفصل الخطاب، كافيًا في حصول المقصود، لا يحتاج معه إلى غيره. ولا يكون كالمفتي الذي سُئل عن مسألة (٥) المواريث، فقال: تُقسَم (٦) بين


(١) ز: «ويحاسب».
(٢) ب: «يقتحم»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) روَّج كلامه: زيَّنه وأبهمه، فلا تعلم حقيقته.
(٤) انظر الفائدة الحادية والخمسين.
(٥) بعده في النسخ المطبوعة: «في».
(٦) لم ينقط حرف المضارع في ز.