للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقوبة الله، ومع ذلك فلا تنفذ، فإنه كما هو متَّهم بطلاقها فهو متَّهم بالإقرار بتقدم الطلاق على المرض، وإذا كان الطلاق لا يمنع الميراث بالتهمة فالإقرار لا يمنعه للتهمة، ولا فرقَ بينهما؛ فالحيلة باطلة محرمة.

وكذلك إذا كان في يده نصاب فباعه أو وهَبَه قبل الحول، ثم استردَّه، قال أرباب الحيل: تسقط عنه الزكاة، بل لو ادعى ذلك لم يأخذ العامل زكاته. وهذه حيلة محرمة باطلة، ولا يُسقِط ذلك عنه فرضَ الله الذي فرضه وأوعد بالعقوبة الشديدة من ضيَّعه وأهملَه، فلو جاز إبطاله بالحيلة التي هي مكر وخداع لم يكن في إيجابه والوعيد على تركه فائدة. وقد استقرت سنة الله في خلقه شرعًا وقدرًا على معاقبة العبد بنقيض قصده، كما حَرَمَ القاتلَ الميراثَ، وورَّثَ المطلقةَ في مرض الموت، وكذلك الفارّ من الزكاة لا يُسقِطها عنه فراره، ولا [٨٣/أ] يُعان على قصده الباطل فيتمّ مقصوده ويسقط مقصود الرب سبحانه، وكذلك عامة الحيل إنما يساعد فيها المتحيل على بلوغ غرضه ويبطل غرض الشارع.

وكذلك المجامع في نهار رمضان إذا تغدَّى أو شرب الخمر أولًا ثم جامع، قالوا: لا تجب عليه الكفارة. وهذا ليس بصحيح؛ فإن إضمامه إلى إثم الجماع إثمَ الأكل والشرب لا يناسب التخفيف عنه، بل يناسب تغليظ الكفارة عليه، ولو كان هذا يُسقط الكفارة لم تجب الكفارة (١) على واطئ اهتدى لجرعة (٢) ماء أو ابتلاع لُبابةٍ أو أكل زبيبة. فسبحان الله! هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء لم يتقدمه مفطر قبله أو للجناية على زمن الصوم


(١) ز: «كفارة».
(٢) ز: «بجرعة».