للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الخمسون: إذا دفع إليه مالًا يشتري به متاعًا من بلد (١) غير بلده فاشتراه، وأراد تسليمه إليه وإقامته في تلك البلد، فإن أودعه غيره ضمن؛ لأنه لم يأذن له ربه، وإن وكَّل غيره في دفعه إليه ضمن أيضًا، وإن استأجر من يُوصله إليه ضمن؛ لأنه لم يأتمن غيره عليه؛ فالحيلة في إيصاله إلى ربه أن يُشهد عليه قبل الشراء أو بعده أن يعمل في المال برأيه، وأن يوكل فيه وأن (٢) يودع إذا رأى المصلحة في ذلك كله، فإن أبى ذلك الموكل وقال: «لا يوافيني به غيرُك» فقد ضاقت عليه الحيلة، فليُخرِج نفسه من الوكالة، فتصير يده يدَ مُودَع، فلا تلزمه مُؤنةُ ردِّ الوديعة، بل مؤنةُ ردِّها على صاحبها، فإن أحبَّ أخْذَ ماله أرسل من يأخذه أو جاء هو في طلبه.

فإن قيل: فلو لم يعزل نفسه أكان مؤنةُ الردِّ عليه؟

قيل: لما دخل معه في عقد الوكالة فقد التزم له أن يُسلِّم إليه المال، فيلزمه ما التزم به، فإذا أخرج (٣) نفسَه من الوكالة بقي كالمُودَع المحض، فإن كان وكيلًا بجُعْلٍ فهو كالأجير فمؤنةُ الردِّ عليه، ولا يملك إخراج نفسه من الوكالة قبل توفية العمل كالأجير (٤).

المثال الحادي والخمسون: إذا أراد الذمّي أن يُسلِم وعنده خمر، فخاف إن أسلم يجب عليه إراقتها ولا يجوز له بيعها، فالحيلة أن يبيعها من ذمي آخر بثمن معين أو في ذمته، ثم يُسلِم ويتقاضاه الثمن، ولا حرجَ عليه


(١) «بلد» ليست في ك، ب.
(٢) «أن» ليست في ك.
(٣) ك: «خرج».
(٤) ك: «توفية الأجر».