للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونردَّ ما خالفهما؛ فنحن نناشد المقلدين الله: هل حفظوا في ذلك وصيتَه وأطاعوه، أم عصوه وخالفوه؟ وإن ادعيتم أن من العلماء من جوَّز التقليد فكان ما رأى (١) أن هؤلاء الذين حكيتم عنهم أنهم جوّزوا التقليد لمن هو أعلم منهم هم من أعظم الناس رغبةً عن التقليد واتباعًا للحجة ومخالفةً لمن هو أعلم منهم، فأنتم مقرُّون أن أبا حنيفة أعلم من محمد بن الحسن ومن أبي يوسف، وخلافهما له معروف، وقد صحّ عن أبي يوسف أنه قال: لا يحلُّ لأحدٍ أن يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا (٢).

الثاني: أنكم منكرون أن يكون من قلّدتموه من الأئمة مقلدًا لغيره أشدَّ الإنكار، وقمتم وقعدتم في قول الشافعي: قلته تقليدًا لعمر، وقلته تقليدًا لعثمان، وقلته تقليدًا لعطاء، واضطربتم في حمل كلامه على موافقة الاجتهاد أشد الاضطراب، وادعيتم أنه لم يقلّد زيدًا في الفرائض، وإنما اجتهد فوافق اجتهادُه اجتهادَه، ووقع الخاطر على الخاطر، حتى وافق اجتهاده في مسائل المعادة (٣) حتى في الأكدرية، وجاء الاجتهاد حذوَ القُذَّة بالقذَّة، فكيف نصبتموه مقلدًا ههنا؟ ولكن هذا التناقض جاء من بركة التقليد، ولو اتبعتم العلم من حيث هو واقتديتم بالدليل وجعلتم الحجة إمامًا لما تناقضتم هذا التناقض [٤١/أ] وأعطيتم كلَّ ذي حق حقَّه.


(١) كذا في د، ع. وفي ت: «فكان ماذا». وبعدها في د والمطبوع: «الثاني». وسيأتي الثاني بعد أسطر.
(٢) تقدم ذكره.
(٣) في هامش ع: «العادة».