للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالفه مثله لم يكن [١٧٣/ب] قول أحدهما حجةً على الآخر، وإن خالفه أعلمُ منه كما إذا خالف الخلفاء الراشدون أو بعضُهم غيرَهم من الصحابة في حكمٍ، فهل يكون الشِّقُّ الذي فيه الخلفاء الراشدون أو بعضهم حجةً على الآخرين؟ فيه قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد. والصحيح أن الشقّ الذي فيه الخلفاء أو بعضهم أرجحُ وأولى أن يؤخذ به من الشقّ الآخر، فإن كان الأربعة في شِقٍّ فلا شك أنه الصواب، وإن كان أكثرهم في شِقٍّ فالصواب فيه أغلب، وإن كانوا اثنين واثنين فشِقُّ أبي بكر وعمر أقرب إلى الصواب، فإن اختلف أبو بكر وعمر فالصواب مع أبي بكر.

وهذه جملة لا يعرف تفصيلَها إلا مَن له خبرة واطلاع على ما اختلف فيه الصحابة وعلى الراجح من أقوالهم، ويكفي في ذلك معرفةُ رجحان قول الصديق في الجدّ والإخوة، وكون الطلاق الثلاث بفم واحدٍ مرةً واحدةً وإن تلفَّظ فيه بالثلاث، وجواز بيع أمهات الأولاد. وإذا نظر العالم المنصف في أدلة هذه المسائل من الجانبين تبيَّن له أن جانب الصديق أرجح، وقد تقدم بعض ذلك في مسألة الجدّ والطلاق الثلاث بفم واحد، ولا يُحفظ للصدّيق خلافُ نصٍّ واحد أبدًا، ولا يُحفظ له فتوى ولا حكمٌ مأخذُها ضعيف أبدًا، وهو تحقيقًا لكون خلافته خلافةَ نبوةٍ.

فصل

وإن لم يخالف الصحابيَّ (١) صحابيٌّ آخر فإما أن يشتهر قوله في الصحابة أو لا يشتهر، فإن اشتهر فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء أنه إجماع وحجة، وقالت طائفة منهم: هو حجة وليس بإجماع، وقال شِرْذِمةٌ


(١) ك، ب: «الصحابة»، خطأ.