للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتنكُّرَ عند الخصومة، أو الخصوم ــ شكَّ أبو عبيد ــ فإن القضاء في مواطن الحقِّ مما يُوجِب الله به الأجر، ويُحسِن به الذخر».

هذا (١) الكلام تضمَّنَ (٢) أمرين:

أحدهما: التحذير مما يحول بين الحاكم وبين كمال معرفته بالحق، وتجريد قصده له؛ فإنه لا يكون خير الأقسام الثلاثة إلا باجتماع هذين الأمرين فيه. والغضبُ والقلق والضجر مضادٌّ لهما، فإن الغضب غُول العقل يغتاله كما تغتاله الخمر.

ولهذا نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يقضيَ القاضي بين اثنينِ وهو غضبانُ (٣).

والغضب نوع من الغلق والإغلاق الذي يُغلِق على صاحبه بابَ حسن التصور والقصد. وقد نصَّ أحمد على ذلك في رواية حنبل، وترجم عليه أبو بكر في كتابيه «الشافي» و «زاد المسافر»، وعقَد له بابًا، فقال في كتاب «الزاد»: باب النية في الطلاق وذكر الإغلاق. قال أبو عبد الله في رواية حنبل (٤): عن عائشة سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا طَلاقَ ولا عَتاق في إِغْلاقٍ» (٥) فهذا


(١) ت: «وهذا»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) ت، ع: «يتضمن»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) سينقلها المؤلف مرتين في هذا الكتاب. وانظر: «إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان» (ص ٦ - ٧) و «زاد المعاد» (٥/ ١٩٥).
(٥) رواه أحمد (٢٦٣٦٠)، وابن ماجه (٢٠٤٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وعند أبي داود (٢١٩٣) بلفظ (في غلاق)، إسناده ضعيف؛ لأن محمد بن عبيد بن أبي صالح متكلم فيه، وللحديث شواهد يرتقي بها إلى الحسن. انظر: «صحيح أبي داود ــ الأم» (٦/ ٣٩٦).