للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرِث المسلم الكافر» (١)، وعموم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا قطْعَ في ثمرٍ ولا كَثَرٍ» (٢)، ونظائر ذلك كثير؛ فإذا جاز التخصيص ــ وهو رفع بعض ما تناوله اللفظ، وهو نقصان من معناه ــ فلأن تجوز الزيادة التي لا تتضمن رفعَ شيء من مدلوله ولا نقصانه بطريق الأولى والأحرى.

الوجه الرابع عشر: أن الزيادة لا توجب رفعَ المزيد لغةً ولا شرعًا ولا عرفًا (٣) ولا عقلًا، ولا تقول العقلاء لمن ازداد خيره أو ماله أو جاهه أو علمه أو ولده: إنه قد ارتفع شيء مما في الكيس.

بل نقول في الوجه الخامس عشر: إن الزيادة قررت حكم المزيد وزادته بيانًا وتأكيدًا؛ فهي كزيادة العلم والهدى والإيمان، قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] وقال: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢]، وقال: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]، وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]. فكذلك زيادة الواجب على الواجب إنما يزيد قوةً وتأكيدًا وثبوتًا، فإن كانت متصلة به اتصالَ الجزاء والشرط كان ذلك أقوى له وأثبت وآكد، ولا ريب أن هذا أقرب إلى المعقول والمنقول والفطرة من جَعْلِ الزيادة مبطلة للمزيد عليه ناسخة له.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) «ولا عرفا» ليست في ع.