للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلق، وهو اتساع زمن الرجعة له؛ وحقٌّ للزوجة، وهو استحقاقها النفقة والسكنى ما دامت في العدة؛ وحقٌّ للولد، وهو الاحتياط في ثبوت نسبه وأن لا يختلط بغيره؛ وحقٌّ للزوج الثاني، وهو أن لا يسقي ماءه زرع غيره. ورتَّب الشارعُ على كلِّ واحد من هذه الحقوق ما يناسبه من الأحكام. فرتَّب على رعاية حقِّه هو لزومَ المنزل وأنها لا تَخْرُج ولا تُخْرَج، هذا موجَب القرآن ومنصوصُ إمام أهل الحديث وإمام أهل الرأي. ورتَّب على حقِّ المطلِّق تمكينَه من الرجعة ما دامت في العدة، وعلى حقِّها استحقاقَ النفقة والسكنى، وعلى حقِّ الولد ثبوتَ نسبه وإلحاقه بأبيه دون غيره، وعلى حقِّ الزوج الثاني دخوله على بصيرة ورحم بريء غير مشغول بولد لغيره. فكان في جعلها ثلاثةَ قروء رعايةٌ لهذه الحقوق، وتكميلٌ (١) لها.

وقد دلَّ القرآن على أن العدة حقٌّ للزوج [٢٨٨/أ] عليها بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩]. فهذا دليل على أن العدَّة للرجل على المرأة بعد المسيس. وقال تعالى: {الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ} (٢) [البقرة: ٢٢٨]، فجعل الزوجَ أحقَّ بردِّها في العدة. فإذا كانت العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر طالت مدة التربُّص لينظر في أمرها: هل يُمسكها بمعروف، أو يُسَرِّحها بإحسان؛ كما جعل الله سبحانه للمُؤْلي تربُّصَ أربعة أشهر لينظر في أمره: هل يفيء أو يطلِّق؛ وكما جعل مدة تسيير الكفار أربعة أشهر لينظروا في


(١) في النسخ الخطية كلها: «وتكميلًا».
(٢) زيد في النسخ المطبوعة: {اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي}.