للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفارة يمين. وبهذا أفتى ابن عباس ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فصحَّ عنه بأصح إسنادٍ: الحرام يمينٌ يكفِّرها، ثم قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] (١). وهكذا حكم قوله: «إن فعلت كذا فأنتِ عليَّ حرام»، وهذا أولى بكفارة يمينٍ من قوله: «أنتِ عليَّ حرام».

وفي قوله: «أنتِ عليَّ حرام» أو «ما أحلّ الله عليّ حرام» أو «أنتِ (٢) عليَّ حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير» مذاهب (٣):

أحدها: أنه لغو وباطل لا يترتَّب عليه شيء، وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس، وبه قال مسروق وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعطاء والشعبي (٤) وداود وجميع أهل الظاهر وأكثر أصحاب الحديث، وهو أحد قولَي المالكية اختاره أصبغ بن الفرج.

وفي «الصحيح» (٥) عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول: إذا حرَّم امرأته فليس بشيء، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. وصح عن مسروق: ما أبالي أحرَّمتُ امرأتي أو قصعةً من ثريد (٦). وصح عن الشعبي


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ز: «وأنت».
(٣) انظر: «المحلَّى» (١٠/ ١٢٤ وما بعدها)، فقد اعتمد عليه المؤلف اعتمادًا كبيرًا، وتصرَّف في ترتيب المذاهب.
(٤) سيأتي تخريج هذه الآثار بعد حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٥) رواه البخاري (٥٢٦٦).
(٦) رواه عبد الرزاق (١١٣٧٥) وسعيد بن منصور (١٧٠٢)، وابن الجعد (٢٣٨١) واللفظ له.