للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفضلة فضلةَ امرأةٍ أثر، فخالفوا نفس الحديث الذي احتجُّوا به، وحملوا الحديث على غير محمله؛ إذ فضل الوضوء بيقين هو الماء الذي فَضَلَ منه، ليس هو الماء المتوضَّأ به، فإن ذلك لا يقال له فضل الوضوء، فاحتجوا به فيما لم يُرَدْ (١) به، وأبطلوا الاحتجاج به فيما أريد به.

ومن ذلك احتجاجهم على نجاسة الماء بالملاقاة وإن لم يتغيَّر بنهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يُبالَ في الماء الدائم (٢)، ثم قالوا: لو بال في الماء الدائم لم ينجِّسه حتى ينقص عن قلَّتين.

واحتجوا على نجاسته أيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا استيقظَ أحدكم من نومه فلا يَغمِسْ يده في الإناء (٣) حتى يغسلها ثلاثًا» (٤). ثم قالوا: لو غمَسَها قبل غَسْلها لم ينجس الماء، ولا يجب عليه (٥) غسلها، وإن شاء أن يغمسها قبل الغسل فعلَ.

واحتجوا في هذه المسألة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بحفْرِ الأرض التي بال فيها البائل وإخراجِ ترابها (٦)، ثم قالوا: لا يجب حَفْرها، بل لو تركت حتى


(١) ع: «لا يراد».
(٢) رواه البخاري (٢٣٩) ومسلم (٢٨٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) د: «الماء».
(٤) رواه البخاري (١٦٢) ومسلم (٢٧٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) ع: «عليها».
(٦) رواه أبو يعلى (٣٦٢٦) والدارقطني (٤٧٧) من طريق أبي بكر بن عياش عن سمعان بن مالك عن أبي وائل عنه، وأعلّه الدارقطني بجهالة سمعان، وأعلَّه ابن عبد الهادي بأبي هشام الرفاعي، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على تضعيفه. وقال أبو زرعة: هذا الحديث منكر. وفي الباب عن أنس روي موصولًا ومرسلًا ولا يصح. وانظر: «التنقيح» لابن عبد الهادي (١/ ٩٠ - ٩٢).