للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمنزلة قوله: ينهيانكم عن كلِّ رجس، وفي أنَّ قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] نهىٌ عن كلِّ رجس، وفي أنَّ قوله في الهِرِّ: «ليست بنجَس، إنها من الطوّافين عليكم والطوّافات» (١) بمنزلة قوله: كلُّ ما هو من الطوافين عليكم والطوافات فإنه ليس بنجس. ولا يستريب أحد في أنَّ من قال لغيره: «لا تأكل هذا (٢) الطعام، فإنه مسموم» نهْي له (٣) عن كلِّ طعام [٢٠٤/ب] كذلك، وإذا قال: «لا تشرب هذا الشراب، فإنه مسكِر» نهي له عن كلِّ مسكِر، و «لا تتزوج هذه المرأة فإنها فاجرة» وأمثال ذلك.

الخطأ الثاني: تقصيرهم في فهم النصوص. فكم من حكمٍ دلَّ عليه النصُّ ولم يفهموا دلالته عليه! وسبب هذا الخطأ حصرهم الدلالة في مجرَّد ظاهر اللفظ، دون إيمائه وتنبيهه وإشارته وعُرفه عند المخاطبين. فلم يفهموا من قوله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (٤) ضربًا ولا سبًّا ولا إهانةً غير لفظة «أفٍّ»، فقصَّروا في فهم الكتاب، كما قصَّروا في اعتبار الميزان.

الخطأ الثالث: تحميل الاستصحاب فوق ما يستحقُّه، وجزمهُم بموجَبه، لعدم علمهم بالناقل، وليس عدمُ العلم علمًا بالعدم.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) في النسخ المطبوعة: «من هذا».
(٣) كذا في النسخ هنا وفي الجملة التالية، ومقتضى السياق: «نهاه» أو «نهَى» فقط دون زيادة «له».
(٤) في النسخ الخطية: «ولا تقل ... ».