للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن فرَّقتم بالإدخال في ملكه والإخراج عن ملكه فصححتم التعليق في الثاني دون الأول انتقض أيضًا فرقكم؛ فإن الهبة والإبراء إخراجٌ عن ملكه ولا يصح تعليقهما عندكم.

وإن فرَّقتم بما يحتمل الغَرَر وما لا يحتمله، فما يحتمل الغرر والأخطار يصح تعليقه بالشرط كالطلاق والعتق والوصية، وما لا يحتمله لا يصح تعليقه كالبيع والنكاح والإجارة= انتقض عليكم بالوكالة، فإنها لا تقبل التعليق عندكم وتحتمل الخطر؛ ولهذا يصح أن يوكِّله في شِرى عبدٍ، ولا يذكر قدره ولا وصفه ولا سنَّه ولا ثمنه، بل يكفي ذكر جنسه فقط، وأن يوكله في شِرى دار، ويكتفي بذكر محلّها وسكنها فقط، وأن يوكِّله في التزوُّج بامرأة فقط، ولا يزيد على كونها امرأة، ولا يذكر له جنس مهرها ولا قدره ولا وصفه، وأيُّ خطرٍ فوق هذا؟ ومع ذلك منعتم من تعليقها بالشرط، وطَرْدُ هذا الفرق يوجب عليكم صحة تعليق النكاح بالشرط، فإنه يحتمل من الخطر ما لا يحتمل غيره من العقود، فلا يشترط فيه رؤية الزوجة ولا صفتها، ولا تعيين (١) العوض جنسًا ولا قدرًا ولا وصفًا، ويصح مع جهالته وجهالة المرأة، ولا يُعلَم عقد يحتمل من الخطر ما يحتمله؛ فهو أولى بصحة التعليق من الطلاق والعتاق إن صح هذا الفرق.

وقد نصَّ الشافعي على صحة تعليقه فيما لو قال: «إن كانت جاريتي ولدت بنتًا (٢) فقد زوَّجتُكها» (٣). وهذا وإن لم يكن تعليقًا على شرط


(١) ك، ب: «يعتبر»، تصحيف.
(٢) ك، ب: «ابنة».
(٣) انظر: «روضة الطالبين» (٧/ ٤٠).