للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرهم من سادات الأمة غيرُ التأويل؟

وما الذي أريقت عليه دماء العرب في فتنة أبي مسلم غيرُ التأويل؟

وما الذي جرَّد الإمامَ أحمد بين العقابين وضرب السياط حتى عجَّت الخليقة إلى ربِّها غيرُ التأويل؟

وما الذي قتل الإمام أحمد بن نصر الخزاعي وخلَّد خلقًا من العلماء في السجون حتى ماتوا غيرُ التأويل؟

وما الذي سلَّط سيوفَ التتار على دار الإسلام حتى ردُّوا أهلها غيرُ التأويل؟

وهل دخلت طائفة الإلحاد من أهل الحلول والاتحاد إلا من باب التأويل؟

وهل فُتِح بابُ التأويل إلا مضادّةً ومناقضةً لحكم الله في تعليمه عبادَه البيان الذي امتنَّ (١) في كتابه على الإنسان بتعليمه إياه؟ فالتأويل بالألغاز والأحاجي والأغلوطات أولى منه بالبيان والتبيين. وهل فرقٌ بين دفع [٢١٧/أ] حقائق ما أخبرت به الرسل عن الله وأمرت به بالتأويلات الباطلة المخالفة له، وبين ردِّه وعدم قبوله؟ ولكن هذا ردُّ جحود ومعاندة، وذاك ردُّ خداع ومصانعة!

قال أبو الوليد بن رشد المالكي في كتابه المسمَّى بـ «الكشف عن مناهج الأدلة» (٢)، وقد ذكر التأويل وجنايته على الشريعة، إلى أن قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي


(١) في النسخ المطبوعة زيد بعده لفظ الجلالة: «امتن الله».
(٢) (ص ١٤٨ - ١٤٩).