للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكافؤ الذمم، ووقوع التفاوت فيها، وأن (١) ما في الذمة لم يتعين فلا يُمكِن قسمته (٢)، وهذا لا يمنع تراضيهما (٣) بالقسمة مع التفاوت؛ فإن الحق لا يعدوهما. وعدمُ تعيُّن ما في الذمة لا يمنع القسمة فإنه يتعيَّن تقديرًا، ويكفي في إمكان (٤) القسمة التعيين بوجهٍ؛ فهو معيَّن تقديرًا، ويتعيَّن بالقبض تحقيقًا.

وأما قول أبي الوفاء ابن عقيل: «لا تختلف الرواية عن أحمد في عدم جواز قسمة الدين في الذمة الواحدة، واختلفت الرواية عنه في جواز قسمته إذا كان في الذمتين، فعنه فيه روايتان» فليس كذلك، بل عنه في كلٍّ من الصورتين روايتان، وليس في أصوله ما يمنع جواز القسمة، كما ليس في أصول الشريعة ما يمنعها، وعلى هذا فلا يحتاج إلى حيلة على الجواز.

وأما من منع من القسمة فقد تشتدُّ الحاجة إليها، فيحتاج إلى التحيُّل عليها، فالحيلة أن يأذن لشريكه أن يقبض من الغريم ما يخصُّه، فإذا فعل لم يكن لشريكه محاصَّتُه (٥) فيه بعد الإذن، على الصحيح من المذهب كما صرَّح به الأصحاب. وكذلك لو قبض حصته ثم استهلكها قبل المحاصَّة لم يضمن لشريكه شيئًا، وكان المقبوض من ضمانه خاصةً. وذلك أنه لما أذن لشريكه في قبض ما يخصُّه فقد أسقط حقَّه من المحاصَّة، فيختصُّ الشريك


(١) ك، ب: «ولأن».
(٢) ك: «قسمه».
(٣) ك: «راضيهما».
(٤) ك: «انكار»، تحريف.
(٥) في المطبوع: «أن يخاصمه»، خطأ.