للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك لو كان قد قضاه الدين وخاف أن يقول: كان له عليَّ وقضيتُه، فيجعله الحاكم مقرًّا بالحق مدعيًا لقضائه؛ فالحيلة أن يقول: ليس له عليَّ شيء، أو لا يلزمني أداء (١) ما يدَّعيه، فإن ألحَّ عليه لم يكن له جواب غير هذا. على أن القول الصحيح أنه لا يكون مقرًّا بالحق مدعيًا لقضائه (٢)، بل منكرًا الآن (٣) لثبوته في ذمته، فكيف يلزم به؟

فإن قيل: هو أقرَّ (٤) بثبوت سابق وادَّعى قضاءً طارئًا عليه.

قيل: لم يُقرَّ بثبوت مطلق، بل بثبوت مقيد بقيد وهو الزمن الماضي، ولم يُقرَّ بأنه ثابت الآن في ذمته؛ فلا يجوز إلزامه به الآن استنادًا إلى إقراره به في الزمن الماضي؛ لأنه غير منكرٍ ثبوتَه في الماضي، وإنما هو منكر لثبوته الآن، فكيف يُجعل مقرًّا بما هو منكرٌ له؟

وقياسهم هذا الإقرار على قوله: «له عليَّ ألفٌ لا يلزمني ولا يثبت في ذمتي» قياس باطل، فإنه كلام متناقض لا يُعقل، وأما هذا فكلام معقول، وصدقه فيه ممكن، ولم يُقرَّ بشغل ذمته الآن بالمدَّعى به، فلا يجوز شَغْل ذمته به بناء على إقراره بشَغْلها في الماضي. وما نظير هذا إلا قول الزوج: «كنت طلقتُ امرأتي وراجعتُها»، فهل يُجعل بهذا مطلِّقًا الآن؟ وقول القائل: «كنتُ فيما مضى كافرًا ثم أسلمتُ»، فهل يُجعل بهذا الكلام كافرًا الآن؟ وقول القائل: «كنتُ عبدًا فأعتقني مولاي»، هل يجعل بهذا الكلام رقيقًا؟


(١) ك، ب: «إذا».
(٢) «لقضائه» ليست في ك.
(٣) ز: «الا ان».
(٤) ز: «أقرب»، تحريف.