للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما هذا المتعدي بالنظر المحرّم الذي لا يمكن الاحتراز منه، فإنه إنما يقع على وجه الاختفاء والخَتْل؛ فهو قسم آخر غير الجاني وغير الصائل الذي لم (١) يتحقّق عدوانه (٢)، ولا يقع هذا غالبًا إلا على وجه الاختفاء وعدم مشاهدة غير الناظر له؛ فلو كُلِّف المنظور إليه إقامةَ البينة على جنايته تعذَّرت عليه، ولو أمر بدفعه بالأسهل فالأسهل ذهبت جناية عدوانه (٣) بالنظر إليه وإلى حريمه هدرًا، والشريعة الكاملة تأبى هذا وهذا؛ فكان أحسنُ ما يمكن وأصلحه وأكفُّه لنار الجاني (٤) ما جاءت به السنة التي لا معارضَ لها ولا دافعَ لصحتها من حذف (٥) ما هنالك، وإن لم يكن هناك بصرٌ عادٍ لم يضرَّ (٦) حَذْف الحصاة، وإن كان هناك بصرٌ عادٍ لا يلومَنَّ إلا نفسه (٧)؛ فهو الذي عرَّضه صاحبه للتلف، فأدناه إلى الهلاك، والحاذف (٨) ليس بظالم [٩٣/ب] له، والناظر خائن ظالم، والشريعة أكمل وأجلُّ من أن تُضيع (٩)

حقَّ هذا الذي قد هُتِكَتْ حرمته وتُحِيله في (١٠) الانتصار على التعزير بعد إقامة


(١) «لم» ساقطة من ع.
(٢) د: «عداوته».
(٣) د: «عداوته».
(٤) ع: «لثار الجاني». وفي المطبوع: «وأكفه لنا وللجاني». والمثبت من د.
(٥) كذا في النسخ بالحاء، وهو صحيح بها وبالخاء في اللغة بمعنى الرمي.
(٦) ع: «لم يجز».
(٧) ت: «لا يكون إلا من نفسه».
(٨) د: «والخاذف».
(٩) ت: «تضع» ..
(١٠) ت: «على».