للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومصلحةُ الزجر إنما تكون بمنع النفوس ما (١) هي محتاجة إليه، وهو كثير الوقوع منها، ثم هذه المناسبة التي ذكرتموها يعارضها ما هو أقوى منها. فإنَّ ردَّ الشهادة أبدًا يلزم (٢) منه مفسدةُ فواتِ الحقوق على الغير، وتعطيلُ الشهادة في محلِّ الحاجة إليها. ولا يلزم مثل ذلك في القبول، فإنه لا مفسدة فيه في حقِّ الغير من عَدْلٍ تائبٍ قد أصلح ما بينه وبين الله. ولا ريب أنَّ اعتبارَ مصلحةٍ لا يلزم (٣) منها مفسدةٌ أولى من اعتبار مصلحةٍ يلزم منها عدَّةُ مفاسد في [٧٣/ب] حقِّ الشاهد وحقِّ (٤) المشهود له وعليه. والشارع له تطلُّعٌ إلى حفظِ الحقوق على مستحقِّها (٥) بكلِّ طريق، وعدمِ إضاعتها؛ فكيف يبطل حقًّا قد (٦) شهد به عدلٌ رِضًى (٧) مقبولُ الشهادة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى دينه روايةً وفتوَى؟

وأما قولكم: "إن العقوبة تكون في محلِّ الجناية" فهذا غير لازم، لما تقدَّم من عقوبة الشارب والزاني. وقد جعل الله سبحانه عقوبةَ هذه الجريمة


(١) في المطبوع: "في منع النفوس مما". وقد جاء "مما" في ع، لكن النسخ الأخرى اتفقت على "بمنع النفوس". و"المنع" يتعدَّى بنفسه وبحرف مِن.
(٢) كذا في ح، س. وأهمل حرف المضارع في النسخ الأخرى. وفي النسخ المطبوعة: "تلزم"، وكلاهما جائز.
(٣) ع: "يلزم" دون لا النافية، وكذا في النسخ المطبوعة. والصواب ما أثبت من سائر النسخ.
(٤) لم يرد: "وحقّ" في ح، ف.
(٥) ع: "مستحقيها"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٦) ح، ف: "وقد".
(٧) كذا ضبط في ع، وهو الراجح. وضبط في المطبوع بفتح الراء وكسر الضاد.