للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهتدي إلى الرشد [٩٣/أ] وإلى الطريق مع الدليل إليه أضلُّ وأسوأ حالًا ممن لا يهتدي حيث لا دليل معه.

فصل

ومنها: قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: ٢٨]، وهذا دليل قياسي (١) احتجَّ الله سبحانه به على المشركين حيث جعلوا له من عبيده وملكه شركاء، فأقام عليهم حجةً يعرفون صحتها من نفوسهم، لا يحتاجون فيها إلى غيرهم. ومن أبلغ الحِجاج أن يأخذ (٢) الإنسانَ من نفسه، ويحتجَّ عليه بما هو في نفسه، مقرَّرٌ عندها، معلومٌ لها؛ فقال: هل لكم مما ملكت أيمانكم من عبيدكم وإمائكم شركاءُ في المال والأهل؟ أي هل يشارككم عبيدكم في أموالكم وأهليكم، فأنتم وهم في ذلك سواء، تخافون أن يقاسموكم أموالكم ويشاطروكم إياها، ويستأثرون ببعضها عليكم، كما يخاف الشريك شريكه؟ وقال ابن عباس: تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضًا (٣).

والمعنى: هل يرضى أحد منكم أن يكون عبدُه شريكَه في ماله وأهله حتى يساويه في التصرف في ذلك، فهو يخاف أن ينفرد في ماله بأمر يتصرَّف


(١) ع: "قياس". وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في المطبوع وحده: "يؤخذ".
(٣) رواه ابن جرير في "جامع البيان" (١٨/ ٤٩٠)، وفي سنده ضعفٌ وانقطاع.