للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به = أُطلِق له من عدد المنكوحات ما لم يُطلَق للمرأة. وهذا مما خصَّ الله به الرجال، وفضَّلهم به على النساء، كما فضَّلهم عليهن بالرسالة والنبوة والخلافة والملك والإمارة وولاية الحكم والجهاد وغير ذلك. وجعل الرجال قوَّامين على النساء ساعين في مصالحهن، يدأبون في أسباب معيشتهن، ويركبون الأخطار، يجوبون القفار، ويعرِّضون أنفسهم لكلِّ بلية ومحنة في مصالح الزوجات. والربُّ تعالى شكور حليم، فشكر لهم ذلك، وجبَرهم بأن مكَّنهم مما لم يمكِّن منه الزوجات. وأنت إذا قايستَ بين تعب الرجال وشقائهم وكدِّهم ونَصَبهم في مصالح النساء وبين ما ابتلي به النساء من الغيرة وجدتَ حظَّ الرجال من تحمُّل ذلك التعب والنصب والدأب أكثرَ من حظِّ النساء من تحمُّل الغيرة. فهذا من كمال عدل الله وحكمته ورحمته، فله الحمد كما هو أهله.

وأما قول القائل: «إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل»، فليس كما قال. والشهوة منبعها الحرارة، وأين حرارة الأنثى من حرارة الذكر؟ ولكن المرأة ــ لفراغها وبطالتها وعدم معاناتها لما يشغلها عن أمر شهوتها [٣٠٠/أ] وقضاء وطرها ــ يغمُرها سلطانُ الشهوة، ويستولي عليها، ولا يجد (١) عندها ما يعارضه، بل يصادف قلبًا فارغًا ونفسًا خاليةً، فيتمكَّن منها كلَّ التمكُّن، فيظن الظانُّ أن شهوتها أضعاف شهوة الرجل، وليس كذلك. ومما يدل عليه (٢) أن الرجل إذا جامع امرأةً (٣) أمكنه أن يجامع غيرها في الحال. وكان


(١) في النسخ الخطية: «ولم يجد»، والمثبت من النسخ المطبوعة.
(٢) ح، ف: «على». وفي ع: «على ذلك». وفي النسخ المطبوعة: «على هذا».
(٣) في النسخ المطبوعة: «امرأته».