للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان منهم من يقول للقارئ إذا قرأ عليه مسألةً من كلامه: قد صحَّ الحديث بخلافها. اضرب على هذه المسألة، فليست مذهبه.

وهذا هو الصواب قطعًا، ولو لم ينصَّ عليه؛ فكيف إذا نصَّ عليه، وأبدى فيه وأعاد، وصرَّح به (١) بألفاظ كلُّها صريحة في مدلولها؟ فنحن نشهد بالله أن مذهبه وقوله الذي لا قول له سواه ما وافق الحديث، دون ما خالفه؛ وأن من نسب إليه خلافه فقد نسب إليه خلاف مذهبه، ولا سيما إذا ذكر هو ذلك الحديث، وأخبر أنه إنما خالفه لضعفٍ في سنده أو لعدم بلوغه له من وجهٍ يثق به، ثم ظهر للحديث سندٌ صحيحٌ لا مطعن فيه، وصحَّحه أئمة الحديث من وجوه لم تبلغه= فهذا لا يشكُّ عالم ولا يماري في أنه مذهبه قطعًا.

وهذا كمسألة الجوائح (٢)، فإنه علَّل حديث سفيان بن عيينة بأنه كان ربما ترك ذكر الجوائح. وقد صحَّ الحديث من غير طريق سفيان صحةً لا مرية فيها ولا علة ولا شبهة بوجه؛ فمذهبُ الشافعي وضعُ الجوائح. وبالله التوفيق.

وقد صرَّح بعض أئمة الشافعية بأن مذهبه أن الصلاة الوسطى صلاة العصر، وأن وقت المغرب يمتدُّ إلى [مغيب] (٣) الشفق، وأن من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه، وأن أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء. وهذا بخلاف الفطر بالحجامة، وصلاة المأموم قاعدًا إذا صلَّى إمامُه كذلك؛ فإن الحديث


(١) في النسخ المطبوعة: «فيه».
(٢) تقدَّم الكلام عليها مع تخريج الحديث.
(٣) من النسخ المطبوعة.