ثم فرضها على أكمل الوجوه، وأنفعها للمساكين، وأرفقها بأرباب الأموال. ولم يفرضها في كلِّ مال، بل فرضها في الأموال التي تحتمل المواساة، ويكثر فيها الرِّبح والدَّرّ والنسل. ولم يفرضها فيما يحتاج العبد إليه من ماله ولا غنى له عنه، كعبيده وإمائه ومركوبه وداره وثيابه وسلاحه، بل فرضها في أربعة أجناس من المال: المواشي، والزروع [٣٠٢/ب] والثمار، والذهب والفضة، وعروض التجارة؛ فإن هذه أكثر أموال الناس الدائرة بينهم، وعامةُ تصرُّفهم فيها، وهي التي تحتمل المواساة، دون ما أسقط الزكاة فيه.
ثم قسم كلَّ جنس من هذه الأجناس بحسب حاله وإعداده للنماء إلى ما فيه الزكاة، وإلى ما لا زكاة فيه. فقسم المواشي إلى قسمين: سائمة ترعى بغير كلفة ولا مشقَّة ولا خسارة، فالنعمة فيها كاملة، والمنَّة بها وافرة، والكلفة فيها يسيرة، والنماء فيها كثير؛ فخصَّ هذا النوع بالزكاة. وإلى معلوفة بالثمن أو عاملة في مصالح أربابها في دواليبهم وحروثهم وحمل أمتعتهم، فلم يجعل في ذلك زكاة، لكلفة المعلوفة وحاجة المالكين إلى العوامل، فهي كثيابهم وعبيدهم وإمائهم وأمتعتهم.
ثم قسم الزروع والثمار إلى قسمين: قسم يجري مجرى السائمة من بهيمة الأنعام في سقيه من ماء السماء بغير كلفة ولا مشقة، فأوجب فيه العشر. وقسم يسقى بكلفة ومشقة، ولكن كلفته دون كلفة المعلوفة (١) بكثير،