للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالشرط مطلقًا، وأما من يفصِّل بين القسم المحض والتعليق الذي يقصد به الوقوع فإنه يقول بالآثار المروية عن الصحابة كلها في هذا الباب؛ فإنهم صحَّ عنهم الإفتاء بالوقوع في صورٍ، وصحَّ عنهم عدم الوقوع في صور، والصواب ما أفتَوا به في النوعين، ولا يؤخذ ببعض فتاويهم ويُترك بعضها.

فأما الوقوع فالمحفوظ عنهم ما ذكره البخاري عن ابن عمر (١)، وما رواه الثوري عن الزبير بن عربي (٢) عن إبراهيم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في رجل قال لامرأته: «إن فعلتْ كذا وكذا فهي طالق»، ففعلتْه، قال: هي واحدة، وهو أحق بها (٣)، على أنه منقطع. وكذلك ما ذكره البيهقي وغيره عن ابن عباس في رجل قال لامرأته: هي طالقٌ إلى سَنَةٍ، قال: يستمتع بها إلى سنة (٤). ومن هذا قول أبي ذر لامرأته وقد ألحَّتْ عليه في سؤاله عن ليلة القدر، فقال: «إن عُدتِ سألتِني فأنتِ طالق» (٥).

وههنا نكتة لطيفة يحسُن التنبيه عليها، وهي أن أبا ذر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة القدر وألحَّ عليه، حتى قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر مساءلته: «التمسوها في


(١) انظر التخريج السابق.
(٢) كذا في النسخ. وفي «السنن الكبرى»: «الزبير بن عدي»، وهو الصواب، فهو الذي يروي عن إبراهيم.
(٣) رواه البيهقي (٧/ ٣٥٦).
(٤) ذكره البيهقي (٧/ ٣٥٦) ووصله ابن أبي شيبة بنحوه (١٨١٩٤).
(٥) رواه الطبراني في «الدعاء» (١٨٣)، ولكن فيه أن سؤال زوجته له كان عن ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة.