للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: تحذيرهم الإصغاءَ (١) إلى اليهود، وأن لا تستخفَّهم شُبَهُهم، فإنهم يودُّون أن يردُّوهم كفارًا من بعد ما تبيَّن لهم الحق.

ومنها: إخباره أن دخول الجنة ليس بالتهوُّد ولا بالتنصُّر، وإنما هو بإسلام الوجه والقصد والعمل والنية (٢) لله، مع متابعة أمره.

ومنها: إخباره سبحانه عن سعته، وأنه حيث ولَّى المصلِّي وجهَه فثَمَّ وجهُه تعالى، فإنه واسع عليم، فذكر الإحاطتين الذاتية والعلمية، فلا يتوهَّمون أنهم في القبلة الأولى لم يكونوا مستقبلين وجهَه تبارك وتعالى، ولا في الثانية، بل حيثما توجَّهوا فثمَّ وجهُه تعالى.

ومنها: أنه سبحانه وتعالى حذَّر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - عن اتباع أهواء الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، بل أمر أن يتبع هو وأمته ما أوحي إليه، فيستقبلونه بقلوبهم وحده.

ومنها: أنه ذكر عظمةَ بيته الحرام، وعظمةَ بانيه وملَّته، وسفَّه مَن يرغب عنها، وأمَر باتباعها، فنوَّه بالبيت وبانيه وملته. وكلُّ هذا توطئة بين يدي التحويل، مع ما في ضمنه من المقاصد الجليلة والمطالب السنيَّة.

ثم ذكر فضل هذه الأمة، وأنهم الأمة الوسط العدل الخيار، فاقتضى ذلك أن يكون نبيُّهم - صلى الله عليه وسلم - أوسطَ الأنبياء وخيارَهم. وكتابهم كذلك، ودينهم كذلك، وقبلتهم التي يستقبلونها كذلك. فظهرت المناسبة شرعًا وقدرًا في أحكامه


(١) في النسخ: «بالإصغاء»، ولعله سبق قلم. وكذا في الطبعات القديمة. وأثبت في المطبوع: «من الإصغاء». وقد سبق آنفًا: «تحذيرهم الاعتراضَ» فعدَّاه بنفسه.
(٢) ك، ب: «والنية والعمل».