للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انصرام عصر الشبيبة وبلوغه السنَّ الذي لا يولد (١) لمثله في العادة. فذكر (٢) قصته مقدمةً بين يدي قصة المسيح ووِلادِه (٣) من غير أب؛ فإن النفوس لما أنِسَت (٤) بولدٍ من [١٨٨/ب] بين شيخين كبيرين لا يُولد لهما عادةً سهُل عليها التصديقُ بولادة ولدٍ من غير أب. وكذلك ذكر سبحانه قبل قصة المسيح موافاةَ مريم رزقَها في غير وقته وغير إبّانه. وهذا الذي شجَّع نفسَ زكريا وحرَّكها لطلب الولد، وإن كان في غير إبَّانه.

وتأمَّلْ قصةَ نسخ القبلة، لمَّا كانت شديدةً على النفوس جدًّا كيف وطَّأ سبحانه قبلها عدةَ موطِّئات:

منها: ذكر النسخ.

ومنها: أنه يأتي بخير من المنسوخ أو مثله.

ومنها: أنه على كلِّ شيء قدير، وأنه بكلِّ شيء عليم؛ فعمومُ قدرته وعلمه صالحٌ لهذا الأمر الثاني كما كان صالحًا للأول.

ومنها: تحذيرهم الاعتراضَ على رسولهم (٥)، كما اعترض مَن قبلهم على موسى، بل أمرَهم بالتسليم والانقياد.


(١) بعده في النسخ المطبوعة: «فيه» بين معقوفين في بعضها.
(٢) ز، ك: «فيذكر».
(٣) الوِلاد مصدر كالولادة. وفي النسخ المطبوعة: «ولادته».
(٤) ضبط في النسخ المطبوعة: «آنست» من الإيناس، والصواب ما أثبت.
(٥) في النسخ المطبوعة: «رسوله».