للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقدِّمونه على الحديث الصحيح. وقد كذَّب أحمد (١) من ادَّعى هذا الإجماع، ولم يُسوِّغ (٢) تقديمه على الحديث الثابت. وكذلك الشافعي أيضًا نصَّ في "رسالته الجديدة" على أنَّ ما لا يُعلَم فيه خلافٌ لا يقال له "إجماع"، ولفظه: "ما لا يُعلَم فيه خلافٌ فليس إجماعًا" (٣).

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل (٤): سمعت أبي يقول: "ما يدَّعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب. من ادَّعى الإجماع فهو كاذب. لعل الناس اختلفوا، ما يَدريه، ولم ينتهِ إليه؟ فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا. هذه دعوى بِشْر المَرِيسي والأصمّ (٥). ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغني


(١) ت: "الإمام أحمد".
(٢) ع: "يسغ"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) نقل هذا اللفظ ابن حزم في "الإحكام" (٤/ ١٨٨). قال: "وهذا الشافعي يقول في رسالته المصرية ... ". وهي الرسالة الجديدة التي أحال عليها ابن القيم، وقد وصلت إلينا، ولكن لا يوجد هذا النصّ في المطبوعة بتحقيق الشيخ أحمد شاكر. وقد نقله المؤلف في "كتاب الصلاة" له (ص ١٧٤) عن "الرسالة" دون وصفها بالجديدة. وفي "مختصر الصواعق" (٤/ ١٦٣٦): "قال الشافعي في رواية الربيع عنه ... ". وفيه "نزاع" مكان "خلاف".
(٤) في "مسائله" (ص ٤٣٨ - ٤٣٩). والنصّ هنا أقوَم. وقد نقله المؤلف في "كتاب الصلاة" (ص ١٧١) و"الصواعق" أيضًا. انظر "مختصره" (٤/ ١٦٣٥)، ولكن مصدره فيهما "العُدَّة" لأبي يعلى (٤/ ١٠٦٠) أو "المسودة" (ص ٣١٥).
(٥) هو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصمّ، صاحب تفسير. من طبقة أبي الهذيل العلّاف، وله معه مناظرات. توفي سنة ٢٠٠ أو ٢٠١. انظر: "الفهرست" (١/ ٥٩٤) و"طبقات المعتزلة" لابن المرتضى (ص ٥٦ - ٥٧).