للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أقوالهم وفتاواهم (١)، وهذا فيه الكذبُ عليهم وعلى الشارع.

مثاله: أن الشافعي رحمه الله تعالى يجوِّز إقرار المريض لوارثه؛ فيتخذه من يريد أن يُوصي لوارثه وسيلةً إلى الوصية له بصورة الإقرار، ويقول: هذا جائز عند الشافعي. وقد كذبَ على الشافعي؛ فإنه لا يجوِّز الوصية للوارث بالتحيل عليها بالإقرار.

وكذلك الشافعي - رضي الله عنه - يجوِّز للرجل إذا اشترى من غيره سلعة بثمن أن يبيعه إياها بأقلَّ مما اشتراها منه بناءً على ظاهر السلامة، ولا يجوِّز ذلك حيلةً على بيع مائةٍ بمائة وخمسين إلى سنة؛ فالذي يسدُّ الذرائع يمنع ذلك، ويقول: هو يتخذ حيلة على ما حرمه الله ورسوله، فلا يقبل إقرار المريض لوارثه، ولا يصحح هذا البيع، ولا سيما فإن إقرار المرء شهادةٌ على نفسه، فإذا تطرَّق إليها التهمة بطلتْ كالشهادة على غيره. والشافعي يقول: أقبل إقراره إحسانًا للظنّ بالمُقرّ، وحملًا لإقراره على السلامة، ولا سيما عند الخاتمة.

ومن هذا الباب احتيال المرأة على فسخ نكاح الزوج بما يعلِّمه إياها أربابُ المكر والاحتيال، بأن تُنِكر أن تكون أذِنتْ للولي، أو بأن (٢) النكاح لم يصح؛ لأن الولي أو الشهود جلسوا وقتَ العقد على فراش حرير، أو استندوا إلى وسادة حرير.

وقد رأيتُ من يستعمل هذه الحيلة إذا طلَّق الزوج امرأته ثلاثًا، وأراد


(١) ك: «فتاويهم».
(٢) ك: «وابأن».