للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقريرٌ له على الإفتاء، وهو كالشهادة له بالأهلية.

وكان بعض أهل العلم يضرب على فتوى من كتَب وليس بأهل. فإن لم يتمكَّن من ذلك خوف الفتنة (١)، فقد قيل: لا يكتب معه في الورقة، ويردُّ السائل. وهذا نوع تحامل. والصواب أنه يكتب في الورقة الجواب، ولا يأنف من الإخبار بدين الله الذي يجب عليه الإخبار به، لكتابة من ليس بأهل؛ فإن هذا ليس عذرًا عند الله ورسوله وأهل العلم في كتمان الحق. بل هذا نوع رياسة وكبر، والحقُّ لله عز وجل، فكيف يجوز أن يعطِّل حقَّ الله ويكتم دينَه لأجل كتابة من ليس بأهل؟

وقد نصَّ الإمام أحمد على أن الرجل إذا شهد الجنازةَ، فرأى فيها منكرًا لا يقدر على إزالته= أنه لا يرجع. ونصَّ على أنه إذا دُعي إلى وليمة عرسٍ، فرأى فيها منكرًا لا يقدر على إزالته= أنه يرجع. فسألتُ شيخنا عن الفرق، فقال: لأن الحق في الجنازة للميت، فلا يترك حقَّه لما فعله الحيُّ من المنكر. [٢٠٣/ب] والحقُّ (٢) في الوليمة لصاحب البيت، فإذا أتى فيها بالمنكر فقد أسقط حقَّه من الإجابة (٣).

وإن كان المبتدئ بالجواب أهلًا للإفتاء، فلا يخلو إما أن يعلم المُكَذلِكُ صوابَ جوابه، أو لا يعلم. فإن لم يعلم صوابه لم يجُز له أن يُكَذلِك تقليدًا له، إذ لعله أن يكون قد غلط، ولو نُبِّه لرجع، وهو معذور؛ وليس المُكذلك معذورًا، بل مفتٍ بغير علم. ومن أفتى بغير علم فإثمه على


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «منه».
(٢) ضبط في ز برفع «الحق» ونصبه، وكتب فوقه: «معًا».
(٣) انظر: «مختصر الفتاوى المصرية» (ص ٢٥١).