للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشافعي: لأن الحرام ضد الحلال، ولا يقاس شيء على ضده. فقال لي قائل: نقول لو قبَّلَتْ امرأةُ الرجلِ ابنَه لشهوة حرمت على زوجها أبدًا، فقلتُ: لِمَ قلتَ ذا والله عز وجل إنما حرَّم أمهاتِ نسائكم ونحو هذا بالنكاح، فلم يجز أن يقاس الحرام بالحلال؟ فقال: أجد جماعًا وجماعًا. قلت: جماعًا حُمِدتْ به وحُصِّنت وجماعًا رُجِمتْ به، أحدهما نقمة والآخر نعمة، وجعله الله سبحانه نسبًا وصِهْرًا وأوجب به حقوقًا، وجعلك مَحْرَمًا لامرأتك وابنتها تسافر بهما، وجعل على الزنا نقمة في الدنيا بالحد وفي الآخرة بالنار، إلا أن يعفو الله، فتقيس الحرام الذي هو نقمة على الحلال الذي هو نعمة؟ وقلت له (١): فلو قال لك وجدتُ المطلقة ثلاثًا تَحِلُّ بجماع زوج وإصابةٍ (٢)، فأُحِلُّها بالزنا لأنه جماع كجماع، قال: إذًا أُخطِئ؛ لأن الله تعالى أحلها بنكاح زوج وإصابةٍ (٣). قلت: وكذلك ما حرَّم الله في كتابه بنكاح زوج وإصابة زوج. قال: أفيكون شيء يحرِّمه الحلال ولا يحرِّمه الحرام أقول به؟ قلت: نعم, ينكح أربعًا فيحرم عليه أن ينكح من النساء خامسة، أفيحرم عليه إذا زنى بأربعٍ شيءٌ من النساء؟ قال: لا يمنعه الحرام مما يمنعه الحلال، قال: فقد ترتدُّ فتحرم على زوجها، قلت: نعم، وعلى جميع الخلق، وأقتلُها وأجعل مالها فيئًا، قال: فقد نجد الحرام يحرم الحلال، قلت: أما في مثل ما اختلفنا فيه من أمر النساء فلا. انتهى.


(١) «له» ليست في د.
(٢) «وإصابة» ليست في ز.
(٣) «وإصابة» ليست في د.