للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر من مخالفة أبي بكر في اعترافه بجواز الخطأ عليه، وأنه ليس كلامه كله صوابًا مأمونًا عليه الخطأ، ويدلُّ على ذلك أن عمر بن الخطاب أقرَّ عند موته أنه لم يقضِ في الكلالة بشيء، وقد اعترف أنه لم يفهمها (١).

الوجه الثاني: أن خلاف عمر لأبي بكر أشهرُ من أن يُذكر، كما خالفه في سَبْي أهل الردة فسباهم أبو بكر وخالفه عمر، وبلغ خلافه إلى أن ردَّهن حرائر إلى أهلهن (٢) إلا من ولدت لسيدها منهن، ونقض حكمه (٣)، ومن جملتهن خولة الحنفية أم محمد بن علي، فأين هذا من فعل المقلِّدين بمتبوعهم؟ وخالفه في أرض العنوة، [٢٨/أ] فقسمها أبو بكر ووقفها عمر. وخالفه في المفاضلة في العطاء، فرأى أبو بكر التسوية ورأى عمر المفاضلة (٤). ومن ذلك مخالفته له في الاستخلاف، وصرّح بذلك فقال: إن أستخلِفْ فقد استخلف أبو بكر، وإن لم أستخلِفْ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف. قال ابن عمر: فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعلمتُ أنه لا يَعدِلُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا، وأنه غيرُ مستخلف (٥). فهكذا يفعل أهل


(١) رواه عبد الرزاق (١٩١٩٤) من طريق عمرو بن دينار عن طاوس وذكره ... ، وطاوس لم يدرك عمر، وتوبع بابن المسيب عند إسحاق بن راهويه في «مسنده» كما في «المطالب العالية» (٨/ ١٧)، ومرسل سعيد بن المسيب عن عمر مقبول. انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٤/ ٦١) و «تهذيب الكمال» (١١/ ٦٦).
(٢) د: «أهليهن».
(٣) انظر: «الأموال» لابن زنجويه (١/ ٣٤٩) و «السنن الكبرى» للبيهقي (٩/ ٧٣ - ٧٤).
(٤) رواه البخاري (٤٠٢٢).
(٥) رواه مسلم (١٨٢٣).