للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شِراها لنفسه فليشهد عليه أنه متى اشتراها لنفسه فهي حرة؛ فإن وكَّل الوكيل من يشتريها له انبنى ذلك على أصلين: أحدهما: أن الوكيل هل له أن يوكِّل أم لا؟ والثاني: أن من حلف لا يفعل شيئًا؛ فوكَّل في فعله هل يحنث أم لا؟ وفي الأصلين نزاع معروف.

فإن وكَّله رجل في بيع جارية ووكّله آخر في شِراها، وأراد هو شِراها لنفسه فالحكم على ما تقدم، غير أن هاهنا أصلًا آخر، وهو أن الوكيل في بيع الشيء هل يملك بيعه نفسَه؟ فيه روايتان عن الإمام أحمد؛ إحداهما: لا يملك ذلك سدًّا للذريعة؛ لأنه لا يستقصي في الثمن، والثانية: يجوز إذا زاد على ثمنها في النداء لتزول التهمة؛ فعلى هذه الرواية يفعل ذلك من غير حاجة إلى حيلة، والثانية لا يجوز. فعلَى (١) هذا هل له التحيُّل على ذلك؟ فقيل: له أن يتحيلَ عليه بأن يدفع إلى غيره دراهم ويقول له: اشترِها لنفسك، ثم يتملكها منه. والذي تقتضيه قواعد المذهب أن هذا لا يجوز؛ لأنه تحيلٌ على التوصل إلى فعل محرم، ولأن ذلك ذريعة إلى عدم استقصائه واحتياطه في البيع، بل يسامح في ذلك لعلمه أنها تصير إليه، وأنه هو الذي يزِن الثمن، ولأنه يعرِّض نفسه للتهمة، ولأن الناس يرون ذلك نوعَ غدرٍ ومكر؛ فمحاسن الشريعة تأبى الجواز.

فإن قيل: فلو وكّله أحدهما في بيعها والآخر في شرائها ولم يُرِد أن يشتريها لنفسه؛ فهل يجوز ذلك؟

قيل: هذا ينبني على شراء الوكيل في البيع لنفسه؛ فإن أجزناه هناك جاز


(١) ك: «فعل».