للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يرضَ أن تصير الثانية إلا بعد الأولى، فلا يجوز أن يلزم بما لم يرضَ به؛ إذ لا بدَّ في صحة التصرف من رضا المتصرف وموافقة الشرع؛ فعلى هذا هو باقٍ على ملك الواقف.

فإذا مات فهل يصح الوقف حينئذٍ؟ يحتمل وجهين. ويكون مأخذهما أن ذلك كما لو قال: «هو وقفٌ بعد موتي» فيصح، أو أنه وقف معلَّقٌ على شرط، [١٢٤/ب] وفيه وجهان: فإن قيل بصحته كان من الثلث، وفي الزائد يقف على إجازة الورثة. وإن قيل ببطلانه كان ميراثًا. ومن رأى صحته قال: قد أمكن تصحيح تصرف العاقل الرشيد بأن يصحّح الوقف ويصرِفه في الحال إلى الجهة التي يصح الوقف عليها، وتُلغَى الجهة التي لا تصح فتُجعَل كالمعدومة. وقيل على هذا القول: بل (١) يصرف مصرفَ الوقف المنقطع، فإذا مات الواقف صُرِفَ مصرفَ الجهة الصحيحة.

فإن قيل: فما تقولون لو سلك حيلةً غيرَ هذا كلِّه وأسهلَ منه وأقرب؟ وهي أن يقرَّ أن ما في يده من العقار وقفٌ عليه انتقل إليه من جائز الملك جائز الوقف، ثم بعده على كذا وكذا، فما حكمُ (٢) هذه الحيلة في الباطن، وحكمُ من علم بها من الموقوف عليهم؟

قيل: هذه الحيلة إنما قصد المتكلم بها إنشاء الوقف، وإن أظهر (٣) أنه قصدَ بها الإخبار؛ فهي إنشاء في الباطن إخبار في الظاهر، فهي كمن أقرَّ


(١) «التي لا تصح ... بل» ساقطة من ك.
(٢) «جائز الملك ... فما حكم» ساقطة من ك.
(٣) ك: «ظهر».