للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن الاتفاق يلزمهما قبل التمليك إذنٌ صحيح ووكالة صحيحة في الباطن لم يَرِدْ بعدها ما ينافيها.

وأيضًا فإنما بطل عقد الهبة لكونه شرَطَ على الموهوب له أن لا يتصرف فيه إلا بالوقف على الواهب، ومعلوم أن التصرف في العين لا يتوقف على الملك، بل يصح بطريق الوكالة وبطريق الولاية؛ فلا يلزم من إبطال الملك بطلانُ الإذن الذي تضمَّنه الشرط؛ لأن للإذن مستندًا غير الملك.

فإن قيل: إذا بطل الملك ينبغي أن يبطل التصرف الذي هو من توابعه.

قيل: لا يلزم ذلك؛ لأن التصرف في مثل هذه الصورة ليس من توابع الملك الحقيقي، وإنما هو من توابع الإذن والتوكيل.

يوضِّحه أن هذه الحيل التي لا حقيقةَ لها يجب أن تُسلَب الأسماءَ التي أُعِيرتْها وتُعطَى الأسماءَ الحقيقية، كما سُلِب منها ما يُسمَّى بيعًا ونكاحًا وهديةً هذه الأسماء، وأُعطِي اسم الربا والسِّفاح والرشوة (١)؛ فكذلك هذه الهبة تُسلَب اسمَ الهبة وتُسمَّى إذنًا وتوكيلًا، ولا سيما فإن صحة الوكالة لا تتوقف على لفظ مخصوص، بل تصح بكل لفظ يدلُّ على الوكالة؛ فهذه الحيلة في الحقيقة توكيلٌ للغير أن يقفَ على الموكّل؛ فمن اعتقد صحة وقف الإنسان على نفسه اعتقد جواز هذا الوقف، ومن اعتقد بطلانه وبطلان الحيل المُفضِية إلى الباطل فإنه عنده يكون منقطع الابتداء، وفيه من الخلاف ما هو مشهور. فمن أبطله رأى أن الطبقة الثانية ومن بعدها تبعٌ للأولى، فإذا لم يصح في المتبوع ففي التابع أولى أن لا يصح، ولأن الواقف


(١) «والرشوة» ليست في ك.