للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٨٠ - ١٨١]، وقال تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: ١٥٩ - ١٦٠].

ويكفي المتأولين كلامَ الله ورسوله بالتأويلات التي لم يُرِدها ولم يدلَّ عليها كلامُ الله أنهم قالوا برأيهم على الله، وقدَّموا آراءهم على نصوص الوحي، وجعلوا آراءهم (١) عيارًا على كلام الله ورسوله. ولو علموا أيَّ بابِ شرٍّ فتحوا على الأمة بالتأويلات الفاسدة، وأيَّ بناءٍ للإسلام هدموا بها، وأيَّ معاقل وحصون استباحوها= لكان أحدُهم أن يخِرَّ (٢) من السماء إلى الأرض أحبُّ إليه من أن يتعاطى شيئًا من ذلك.

وكلُّ (٣) صاحبِ باطلٍ قد جعل ما تأوَّله المتأولون عذرًا له فيما تأوَّله هو، وقال: ما الذي حرَّم عليَّ التأويل وأباحه لكم؟ فتأولت الطائفة المنكرة للمعاد نصوص المعاد ــ وكان تأويلهم من جنس تأويل منكري الصفات، بل أقوى منه لوجوه عديدة يعرفها من وازن بين التأويلين ــ وقالوا: كيف نحن نعاقَب على تأويلنا وتؤجَرون أنتم على تأويلكم؟ قالوا: ونصوص الوحي بالصفات أظهر وأكثر من نصوصه بالمعاد، ودلالة النصوص عليها أبيَن، فكيف يسوغ تأويلها بما يخالف ظاهرَها، ولا يسوغ لنا تأويل نصوص المعاد؟


(١) في النسخ المطبوعة: «وجعلوها».
(٢) ز: «وكان أحدهم لأن يخِرَّ». وفي ك، ب: «وكان ... أن يخرّ». وكذا في نسخ أخرى كما يظهر من تعليق المطبوع، فلا يبعد أن يكون جواب لو قد سقط من النسخ، وعليه كان عطفُ هذه الجملة: «وكان أحدهم ... ».
(٣) في النسخ المطبوعة: «فكلّ».