للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو نصر أحمد بن محمد بن حامد (١) السِّجزي: سمعتُ أبي يقول: قلت لأبي العباس بن سريج: ما التوحيد؟ فقال: توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وتوحيدُ أهل الباطل: الخوضُ في الأعراض والأجسام، وإنما بُعِث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإنكار ذلك (٢).

وقال بعض أهل العلم: كيف لا يخشى الكذبَ على الله ورسوله من يحمل كلامه على التأويلات المستنكرة والمجازات المستكرهة التي هي بالألغاز والأحاجي أولى منها بالبيان والهداية؟ وهل يأمن على نفسه أن يكون ممن قال الله فيهم: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: ١٨]؟ قال الحسن: هي والله [٢١٦/أ] لكلِّ واصفٍ كذبًا إلى يوم القيامة (٣). وهل يأمن أن يتناوله قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: ١٥٢]؟ قال ابن عيينة: هي لكلِّ مفترٍ من هذه الأمة إلى يوم القيامة (٤).

وقد نزَّه سبحانه نفسه عن كلِّ ما يصفه به خلقُه إلا المرسلين، فإنهم إنما يصفونه بما أذِن لهم أن يصفوه به، فقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا


(١) كذا في النسخ الثلاث ومصادر التوثيق. وفي النسخ المطبوعة: «خالد».
(٢) رواه عن أبي نصر السجزي أبو عبد الرحمن السلمي في «ردِّه على أهل الكلام» كما في «منتخب أبي الفضل المقرئ» (ص ٨٦ - ٨٧). ومن طريق السلمي في «الحجة» للتيمي (ص ١٠٧) و «ذم الكلام وأهله» للهروي (٤/ ٣٨٥ - ٣٨٦).
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٣٦٣٦٩)، والبيهقي في «الشعب» (٤٥٦٣) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن الحسن، وإسناده صحيح.
(٤) لم أجده مسندًا، وقد عزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٦٥) إلى أبي الشيخ.