للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكيف يُجعَل هذا الحديث الضعيف أصلًا تُردُّ به السنة الصحيحة المعلومة ويُجعل خلاف الأصول؟

فإن قيل: إنما (١) جعلناها خلاف الأصول لقوله [٩١/ب] تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠]، وقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١]، ولقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]، ولأن اختلاف الدين مانع من ابتداء النكاح؛ فكان مانعًا من دوامه كالرضاع.

قيل: لا تخالف السنة شيئًا من هذه الأصول إلا هذا القياس الفاسد؛ فإن هذه الأصول إنما دلّت على تحريم نكاح الكافر والكافرة غير الكتابيينِ، وهذا حق لا خلاف (٢) فيه بين الأمة، ولكن أين في هذه الأصول ما يوجب تعجيل الفرقة بالإسلام وأن لا تتوقف على انقضاء العدة؟ ومعلوم أن افتراقهما في الدين سبب لافتراقهما في النكاح، ولكن توقُّف السبب على وجود شرطه وانتفاء مانعه لا يخرجه عن السببية، فإذا وُجد الشرط وانتفى المانع عَمِلَ عمله واقتصَّ أثره. والقرآن إنما دلّ على السببية، والسنة دلّت على شرط السبب ومانعه كسائر الأسباب التي فصّلت السنة شروطها وموانعها، كقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]، وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، وقوله: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا


(١) ع: «اننا».
(٢) ع: «اختلاف».