للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووصف لهم العرش والكرسي، والملائكة والجنَّ، والنار والجنة، ويوم القيامة وما فيه حتى كأنه رأيُ عين. وعرَّفهم معبودَهم وإلهَهم أتمَّ تعريف، حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله ونعوت جلاله. وعرَّفهم الأنبياءَ وأممهم، وما جرى لهم، وما جرى عليهم معهم، حتى كأنهم كانوا بينهم. وعرَّفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرِّفه نبيٌّ لأمته قبله. وعرَّفهم - صلى الله عليه وسلم - من أحوال الموت، وما يكون بعده في البرزخ وما يحصل فيه من النعيم والعذاب للروح والبدن ما لم يعرِّف به نبيٌّ غيره. وكذلك عرَّفهم - صلى الله عليه وسلم - من أدلَّة التوحيد والنبوة والمعاد، والرَّدِّ على جميع فِرَق أهل الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة إلى (١) مَن بعده، اللهم إلا إلى من يبلِّغه إياه، ويبيِّنه، ويوضِّح منه ما خفي عليه.

وكذلك عرَّفهم - صلى الله عليه وسلم - من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرُق النصر والظفر ما لو علموه وعملوه (٢) [٢٥٢/ب] ورعَوه حقَّ رعايته لم يقُمْ لهم عدوٌّ أبدًا. وكذلك عرَّفهم - صلى الله عليه وسلم - من مكايد إبليس وطرقه التي يأتيهم منها، وما يتحرَّزون به من كيده ومكره، وما يدفعون به شرَّه= ما لا مزيد عليه. وكذلك عرَّفهم - صلى الله عليه وسلم - من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكمائنها ما لا حاجة لهم معه إلى سواه. وكذلك عرَّفهم - صلى الله عليه وسلم - من أمور معاشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة.

وبالجملة، فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمَّته، ولم يُحْوِجهم الله إلى أحد سواه. فكيف يُظَنُّ أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالمَ شريعةٌ أكملُ


(١) «إلى» ساقط من النسخ المطبوعة.
(٢) «وعملوه» ساقط من ك. وفي النسخ المطبوعة: «وعقلوه».